بول جونسون: جورج بوش الابن هو تاتشر التالية!
بعض آراء بول جونسون السياسية في لقائه مع نيوزماكس عام 2004
نيوز ماكس (NewsMax) هي منظمة إعلامية إخبارية أمريكية محافظة (تعبر عن رؤية المحافظين)، مقرها الرئيسي يقع في ولاية فلوريدا الأمريكية، تدير المنظمة موقع نيوزماكس الإخباري كما تصدر مجلة نيوزماكس.
حاوره وأعد اللقاء: جيريمي برادشاو
يوم الأربعاء الموافق 30 حزيران 2004
بول جونسون هو كاتب قيادي بارز، ومؤلف ومؤرخ بريطاني. كان جونسون سابقا ً صحفياً يساريا ً متطرفاً في بريطانيا، إلا أنه تحول إلى اليمين على زمن مارجريت تاتشر وتحول إلى المفكرالقيادي في بريطانيا في دعم التوجه اليميني عن طريق كتبه التي تصدرت قائمة الأكثر مبيعا ً، وعن طريق أعمدته التي يشارك بها في الصحافة.
جونسون المناصر رابط الجأش للولايات المتحدة الأمريكية يخبر نيوزماكس أن جورج بوش الإبن هو النسخة الأمريكية الجديدة لتاتشر! ويحذر من تنامي ظاهرة معاداة أمريكا في أوروربا.
- من لندن -
هيلاري كلينتون: “إنها فظيعة!”, الأمير تشارلز:” سوف يكون ملكا ً فظيعا ً!”، بوش الأب:” رئيس ضعيف جدا ً”، مارجريت تاتشر:” صديقة رائعة”، توني بلير:” رجل ذو نزاهة”، هذا هو الحال.
بول جونسون المؤلف الخصب، والكاتب والمثقف القيادي، لديه آراؤه حول معظم الشخصيات الهامة في العالم. ومن ناحية أخرى فهو قد قابل معظم العمالقة في الخمسين سنة الفائتة، تصادق مع العديد منهم، وأصدر تقييماته وأحكامه عليهم جميعا ً سواءً، بمقالاته أو في أحد كتبه العديدة جدا ً.
كانت نيوزماكس في ضيافة الصحفي رفيع الشأن مؤخراً للتعرف على آرائه في الوضع المضطرب للعالم.
السيد جونسون لديه بعض وجهات النظر الفريدة من نوعها، فقد كان في ستينيات القرن المنصرم وبداية السبعينيات عضواً نشطاً ومتطرفاً للجناح اليساري في حزب العمال البريطاني ، في الوقت الذي كان فيه الحزب يؤيد سياسات ملكية الدولة لقطاع الصناعة، وإعادة التوزيع الشامل للثروة و فرض نظام الضرائب العقابية.
ومع الاضطرابات التي لحقت بالاقتصاد البريطاني، افتتن جونسون برسالة مارجريت تاشتر الداعية إلى الحد من التدخل الحكومي في الشركات والصناعات وتخفيض الضرائب.*
لقد حظي به اليمين عاطفيا ً وعقليا ً وكسبوه إلى صفهم، وأصبح من ضمن المستشارين المقربين من مارجريت تاتشر.
” في السبيعنيات كانت بريطانيا جاثية على ركبتيها! ولم يكن لدى اليسار أية أجوبة! ولقد أصبحت أشعر بالاشمئزاز من النقابات العمالية ذات الهيمنة المفرطة والتي كانت تدمر بريطانيا” يستذكر جونسون.
تاتشر: إبنة أبيها
أصبحت تاتشر زعيمة حزب المحافظين البريطاني المعارض عام 1975. “لقد انجذبت نحوها على الفور! لقد كنت أعرف مارجريت من جامعة أكسفورد، لم تكن مجرد شخص تابع لحزب ما، لقد كانت مارجريت فردا ً مستقلاً يشكل آراءه الخاصّة. قد يقول الناس أنها متأثرة جدا ً بكارل بوبر أو فريدريخ هايك.**
“ولكنه كان والدها ألديرمان روبرت، الناشط في السياسة المحلية في بلدة جرانثام، في مقاطعة لينكينشاير في إنجلترا، صاحب الأثر الأكبر عليها.”
“لقد علّمها أن تتبنى فكرا ً خليطا ً بين فكر آدم سميث والوصايا العشر، والنتيجة كانت تمسك تاتشر بثلاثة مبادئ إرشادية: المصداقية، والأمانة، وعدم اقتراض المال بتاتاً.”
لقد تشاطر معها جونسون تلك الفلسفة. يقول جونسون: “صديقي جيمي جولدسميث، المموّل البليونير لم يحصل أن اتفق معنا أبداً! لقد قال لنا مرة: كيف تظنون أنني صنعت بلاييني؟ باستخدام أموال الناس الآخرين بالطبع!!” يقولها بول مع ضحكة خافتة.
توني بلير: رجل ذو نزاهة لكنه لا يقرأ الكتب!
إن الشخصيات على قدر من الأهمية بالنسبة لجونسون، فقد ترك حزب المحافظين عندما خلف جون ميجر السيدة تاتشر كرئيس للوزاء عام 1990. “لم أتمكن من احتمال ذلك الرجل!”.
أما عن توني بلير الذي دخل فجأة ً إلى حياة بول جونسون عام 1994 فقد كان الأمر مختلفا ً.
” لقد وجدته في صباح أحد الأيام على عتبة بابي ليقدم نفسه لي، مباشرةً بعد أن أصبح قائداً ، لقد أعجبت به كثيراً، إنه رجل ظريف وهو رجل ذو نزاهة.” يقول جونسون مصراً على ذلك الرأي.
” ولكنه ليس شخصا ً مثقفاً بما فيه الكفاية، فهو لا يقرأ الكتب بتاتا ً، على الرغم من أن بلير قد أخبرني أنه قرأ كتاباً ذات مرة ، وكان الكتاب عن تجارة الرقيق”
“فليذهب الأوروبيون للجحيم! لا تثقوا بالفرنسيين!”
شخصية بلير الفاتنة واستعداده للاحتكام إلى آراء جونسون آتت ثمارها!
حضور جونسون كقوة قيادية في الصحافة البريطانية، بأعمدته الرئيسية في الصحف الشعبية والمطبوعات الرسمية كبيرة الشأن، جعل وجهات نظره السياسية ذات أهمية كبيرة، ولقد علم الرجل الذي كان يريد أن يصبح رئيسا ً للوزراء بذلك.
بالنسبة إلى جونسون فلقد كان الشيء الأكثر أهمية هو أن يعمل بلير على مواصلة الصداقة الوثيقة التي أرستها تاتشر مع الولايات المتحدة.
” لقد أخبرت توني بلير أنه حالما يصبح رئيساً للوزراء فإنه عليه أن يبقى قريبا ً من الأمريكيين ويتشبث بهم دائماَ، إنّهم حلفاؤنا، بل إنهم أكثر من ذلك إنهم بمثابة العائلة بالنسبة لنا. نحن وهم لسنا دولتين أجنبيتين عن بعضهما. وقلت له فليذهب الأوروبيون إلى الجحيم! لا يمكنك أن تثق بهم أبداً! خاصة الفرنسيون!
ولقد أعار بلير انتباهه لنصيحة جونسون وعمل بها، وبذلك حظي بلير بدعم جونسون المستمر له.
حافظ بلير على إرث تاتشر السياسي كما هو، وعلى الرغم من إنجازاته في شؤون السياسة الخارجية فإنه لم يحقق نظيراً لذلك النجاح في الشؤون الداخلية البريطانية، ربما لأن “بلير ليس مهتماً أساساً بالشؤون المحلية الوطنية”.
كان افتتان جونسون بالولايات المتحدة الأمريكية سمة عامة لحياته.
فقد قال مرة:”لقد وقعت في حب أمريكا وتاريخها، لقد قمت بزيارة أمريكا عدة مرات في العام الواحد لأربعة عقود متتالية، ودرست عن كثب كل حيثيات قصة هذه القارة.”
كتاب جونسون (History of The American People – تاريخ الشعب الأمريكي) هو انعكاس لحماسه المتقد تجاه الولايات المتحدة. ولكن مراراً وتكراراً فإن الشخصيات هي التي تسترعي اهتمام جونسون! فهو مثل تشيرتشل يؤمن برجل التاريخ العظيم (أو المرأة العظيمة).
“ريغان هو حليفك الذي يُعتمد عليه! هكذا أخبرت تاتشر!”
في عام 1980 عمل بول جونسون باحثاً في معهد المبادرة الأمريكية لبحوث السياسات العامة (American Enterprise Institute) في واشنطن، ودرس حيثيات صعود رونالد ريغان (Ronald Reagan) إلى سدة الرئاسة الأمريكية.
” عندما فاز ريغان بترشيح الحزب الجمهوري قمتُ بإرسال رسالة إلى مارجريت تاتشر وأخبرتها بأنه عليها أن ترتب أمورها مع ريغان لأنه سوف يكون الرئيس الأمريكي التالي، وإنك سوف تجدين نفسك تشبهينه حيث أنكما تتشاطران المبادئ الثلاثة أو الأربعة الأساسية”
” في البداية أبدت المرأة الحديدية نفورها، حيث قالت: هذا يتنافى مع معلوماتي حول الموضوع، فقلت لها أنه عليها أن تتجاهل المعلومات التي وصلتها عن طريق الديبلوماسيين الخاصين بنا تماماً كما تجاهلت إشاعات جورجتاون وأنه عليها المسارعة في ترتيب اللقاء مع ريغان”
“بالطبع فباقي ما حدث هو جزء من التاريخ الآن. في اللّحظة التي التقى فيها الاثنان اندمجا على الفور! ولم يكن السر هو الاتفاق في وجهات النظر فحسب” يقول جونسون، ” السيدة تاتشر كانت رقيقة بشكل لافت للنظر بالرغم من كل ذلك الحديث عن كونها المرأة الحديدية، فهي تحب الرجال الوسيمين، وكان ريغان من ضمن النماذج التي تعجبها من الرجال، ولقد أحبت كذلك مزحات ريغان (قوله لنكتة من خلال جملة واحدة لا تتعدى السطر).”
بوش شبيه بتاتشر
إن إعجاب جونسون بريغان يمتد ليصل جورج بوش كذلك.
” جورج بوش الابن هو أكثر ذكاء ً من صورته في الأذهان أو كما يبدو لكم من خلال وسائل الإعلام، إنه جدير بالثقة مئة بالمئة، وهو كذلك أقوى بكثير من جورج بوش الأب” يقول جونسون.”
“لدى الرئيس بوش الابن الكثير من القواسم المشتركة مع مارجريت تاتشر ويتجاوز في ذلك والده بمراحل بعيدة. من الهُراء القول بأن جورج بوش الابن في جيبة (تحت سيطرة) المحافظين الجدد! هذا الحديث كله خرافة. إنهم لا يستطيعون الاتفاق على أي شيء ناهيك عن مقدرتهم على تنظيم صفوفهم في برنامج مُعد مسبقا ً. لقد ورث بوش الابن الصلابة وقوة العزيمة عن أمه باربرا بوش وليس عن والده الضعيف الواهن.”
حرب العراق كانت ضرورية
إن هجوم جورج بوش على العراق يستحق كل الدعم. يقول جونسون.
” لقد كان صدام حسين بكل وضوح رجلاً شريراً، فكانت الحرب شيئا ضرورياً ولقد كانت شيئاً جيداً! كان الأمر واضحاً وضوع أنفك على رقعة وجهك: صدام كان يجب أن يرحل.”
“لو كانت تاتشر ما تزال في سدة رئاسة الوزراء إبان حرب الخليج الأولى فإنني متأكد من أنها كانت سوف تحرص على أن لا يقوم الأمريكيون بتحرير الكويت فحسب بل أن يصلوا إلى بغداد ويقومون بإزالة صدام.”
” وفي المقابل كان جورج بوش الأب ضعيفاً ومُسيطراً عليه من قبل جنرالاته (قادة جيشه) ولذلك لم يرغب في الذهاب للعراق. وهكذا تُرك هذا الأمر لجورج بوش الابن ليقوم بتسويته.”
وماذا كانت النتيجة؟ لقد حول جورج بوش الابن أمريكا إلى دولة أكثر أمنا ًبشكل كبير جداً، والشاهد على ذلك فشل القاعدة بالقيام بأي شيء من بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر(9/11).”
ولسخرية القدر فقد تكون القاعدة قد ساعدت جورج بوش الابن!
“قبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر لم يكن لدى الرئيس بوش أية فكرة عما يجب عليه تحقيقه خلال فترته الرئاسية، ولكن بعد نشوب الأحداث الإرهابية منحت القاعدة بوش سمة عامةً لتوجهاته وغايةً يسعى إليها: أن يجعل من الولايات المتحدة مكاناً أكثر أمناً وأن يخلص العالم من الإرهاب. وهذا سيساعد بوش على الفوز بفترة رئاسية ثانية.”
من الواضح أن جونسون خصص وقتاً قليلاً للديمقراطيين. ربماً بسبب الشخصيات غير الجذابة المنخرطة في الحزب، وهو لا ينظر بعين الاعتبار إلى كيري أو فرصه في الفوز بالرئاسة.
” لديه فرصة بمقدار واحد بالمليون في النجاح” يقول جونسون.
إن آل كلينتون لا يدعمون كيري بشكل كامل، يضيف جونسون. فبالمحصلة هم يريدون إطلاق حملة هيلاري كلينتون 2008. ” دعونا لا ننسى أن زواج آل كلنتون هو زواج بين سلالات خنازير طامحة للوصول إلى الحكم.”
الأمير تشارلز: ملك سيء
بينما يستشرف جونسون المستقبل فإنه يرى غيوم العواصف تتلبد في منطقتين. إن المؤرخ في داخله يشعر بالقلق على مستقبل الملكية البريطانية.
” سوف يكون ملكاً سيئاً – إذا صار ملكاً أساساً- ، إن أملنا الوحيد هو في أن تعيش الملكة ويمتد بها العمر إلى الثمانينات، وبهذا فإن تشارلز قد لا يتولى الملك أبداً أو أنه قد يحكم لفترة وجيزة. وكحال إدوارد السابع، الوريث المشاكس للملكة فيكتوريا، فقد يصل للحكم في الستينات من عمره ويعيش حالة من النضج المتأخر. ولكن هنالك شيء واحد أنا متأكد منه: إنه لن يتزوج كاملا تلك!”
معاداة أمريكا تعتبر تفرقة عنصرية
المصدر الثاني لقلق جونسون هو المد الذي أصبح يكتسح العالم: ظاهرة معادة أمريكا.
” إن مد المعاداة لأمريكا تحمله موجات الغيرة والحسد تجاه القوة. إنها أحد أشكال التفرقة العنصرية، فالولايات المتحدة عبارة عن عالم مصغر يحتوي في داخله جميع أعراق العالم، وعليه فإن الكره تجاه الأمريكيين هو شكل من أشكال كره النفس. الحل لظاهرة معاداة أمريكا؟ أنا أقول الاستمرار في فعل الشيء الصحيح!”.
المصدر (http://archive.newsmax.com)
ترجمة: لمى جادالله – فريق عمل مترجم
——————————————————————————-
* تم الترويج لفكرة التقليل من تدخل الدولة في الاقتصاد بشكل كبير في عهد رئيسة الوزراء البريطانية مارجريت تاتشر إبان تقلدها للمنصب عام 1979، حيث دعت إلى تقليص دور الدولة في الاقتصاد وفتح المجال أمام الشركات والمصانع للتنافس وتم ذلك باللجوء إلى سياسة الخصخصة. وهنالك جدل بين المؤيدين والمعارضين لهذه السياسات فالمؤيدون يرون أنها أنعشت الاقتصاد البريطاني الذي كان يعاني من الاضطراب في فترة الستينات وبداية السبعينات وفتح مجال التنافس بين الشركات لتصبح البضائع البريطانية ذات جودة وسمعة أفضل عالمياً، أما المعارضون فيعتقدون أن سياسات الخصخصة لم تقلص فعلياً من تدخل الدولة المباشر في الاقتصاد وإنما أعطت صورة شكلية فقط لفكرة (الحكومة الصغيرة)، في الوقت الذي أدت سياساتها برأيهم إلى رفع قيمة التكاليف والإضرار بالخدمات العامة.
للمزيد حول مصطلح الحكومة الصغيرة: (Small Government) من ويكيبيديا الموسوعة الحرة
**
- كارل بوبر (Karl Popper) هو فيلسوف إنجليزي نمساوي المولد متخصص في فلسفة العلوم
للمزيد: كارل بوبر كارل بوبر – ويكيبيديا الموسوعة الحرة
- فريدريخ هايك اقتصادي ومنظر سياسي نمساوي – إنجليزي، عُرف بدفاعه عن الليبرالية الكلاسيكية والرأسمالية القائمة على أساس السوق الحر ونقده للفكر الاشتراكي والجماعي.
للمزيد: فريدريخ هايك – ويكيبيديا الموسوعة الحرة
آدم سميث: فيلسوف اسكتلندي (في فلسفة الأخلاق) ومنظر سياسي و من رواد الاقتصاد السياسي، مؤلف الكتاب الشهير (ثروة الأمم) الذي يعتبر من أسس الليبرالية الاقتصادية المعاصرة.
للمزيد: آدم سميث – ويكيبيديا الموسوعة الحرة
نقاش
Powered by Facebook Comments