ترجمة:
- على مدار السّنوات القليلة الماضية, سمح لنا التّقدم الصّاروخى فى مجال قدرة الحواسيب بأن نصمّم مجموعات متزايدة من الخلايا العصبيّة. فى كثير من الأحيان, كان يتم الإعلان عن هذه النّماذج بدرجة معيّنة من التّهويل, مع أداء متوقّعاً بأن يكافئ أداء الحيوانات. فى الواقع, وضع خلايا عصبيّة مصنوعة من السّيليكون فى مواجهة مشكلة لم يقربّنا كثيراً من فهم كيفية عمل الدّماغ أو حتّى الحصول على دماغ يكافئ أجهزة الحاسوب المتوفّرة لدينا.
- فى ورقة نُشرت فو مجلّة علوم الأمس, أفاد الباحثون عن وجود جهاز جديد يُدعى SPAUN , وهو الأمر الذى يعزّز الدور الحاسم الذى يمكن أن تقوم به الهندسة المعماريّة فى الحصول على أداء يقارب أداء الدماغ. وقد ذكروا أن SPAUN يعمل بواسطة 2.5 مليون خليّة عصبيّة فقط. وقد تم ترتيبهم فى شكل مجموعات على حسب الوظائف مثل عمل الذّاكرة وفك المعلومات وفهمها. على الرّغم من أن هذا الدّماغ لا يتمتّع بالمرونة الكافية مثل الدّماغ الحقيقى, لكنّه قادر على أداء بعض المهام مثل الدّماغ الحقيقية تماماً.
- تعمل أجهزة الحاسوب بالنّظام الثّنائى, من خلال مجموعة من المفاتيح التى إما تكون فى حالة ON أو OFF . الخلايا العصبيّة الحقيقيّة لا تستطيع ببساطة أن تعمل بهذه الطّريقة. فعلى الرّغم من أنها يمكن أن يكون لها تغيّر ملحوظ فى النّشاط حيث يحدث تغيّر فى الجهد فى جسم الخليّة, الا أن هذا التّغير يكون عابر بحيث تعود الأشياء مرّة أخرى الى حالتها الطّبيعيّة. بدلاً من ذلك, ترسل الخلايا العصبيّة المعلومات من خلال نمط وتوقيت الطّفرات والتّغيرات التى تحدث نتيجة تغير الجهد فى الخلايا.
- لكى نستطيع أن نبدأ, لا يمكننا ربط الخلايا العصبيّة وتصرّفها بالسّيليكون وخصائصه. يجب بناء وتصميم نماذج لخلايا عصبيّة متغيّرة فى الأكواد والوظائف ثم ربط هذه النّماذج فى مجموعات من الخلايا الوظيفية.
- ولكن وضع مجموعات كبيرة من الخلايا العصبيّة والنّماذج معا ببساطة لن يُنتج الدّماغ المطلوب. يتكوّن الدّماغ الفعلى من وحدات وظيفيّة متخصّصة فى عمليّات : على سبيل المثال, القشرة البصريّة التى تساعد فى التّعرف على الأشياء. هذه الهياكل والتصاميم تميل أن تملك خلايا عصبيّة بخواص معيّنة وتستطيع الإتّصال بالهياكل والوحدات الأخرى التى يمكنها تبادل المعلومات معها. هذا يتيح لهيكل واحد امداد المعلومات المطلوبة لأجل العمليّات المختلفة. على سبيل المثال, هناك مساحة صغيرة فى الدّماغ مسئولة عن قراءة الحروف والأرقام, لكن يمكنه أن يغذّى ويرسل ما أدركه الى مختلف الهياكل الأخرى التى تفعل وظائف متلفة بهذه المعلومات.
- وقد وضع مخترعو الجهاز تصميماً يجمع الوحدات الوظيفيّة معاً والتى تحتوى كل وحدة منها على عدد من نماذج الخلايا العصبيّة المختلفة. يأخذ هذا الجهاز المدخلات بواسطة كاميرا بسيطة, ثم يتم تحويل ما يتم رؤيته الى شفرات وأكواد ويتم ضغطها وارسالها لنظام تعرّف لتغذيته بها. هناك اتّصال آخر بخلايا مسئولة عن تنفيذ المهام تقوم بتحويل النّتائج الى اجراء ووحدات أخرى تحوّل الاجراء الى حركات ميكانيكيّة للتّنفيذ للحصول على المطلوب.
- هناك سمتان رئيسيّتان من هذا التّرتيب لوحدات العمليات والمعالجة. الأولى مجموعة الخلايا المسئولة عن عمل الذّاكرة والتى تسمح للنّظام بالدّخول على نظام تخزين قصير الأجل لأشياء مثل قائمة أرقام هواتف مثلاً. الثّانية هى وحدة اختيار المهمّات وهى تسمح بارسال التّعليمات للجهاز والتى سوف يستخدمها لتحديد ما سيفعله للتّعامل مع أى مدخلات مستقبليّة. وبمجرّد تحديد المهمّة, يقوم الجهاز بتحديد الخلايا والوحدات المحددة والتى ستقوم بتنفيذ هذه المهمّة. فهى تقوم أساساً باعادة تكوين المعلومات وتوزيعها وكيفية استخدام كل مُدخل جديد بواسطة الوحدات الوظيفيّة للحصول على النتيجة المطلوبة.
- لكن هذا النّظام محدود حيث أن وحدة اختيار المهمّات تستطيع التّعامل مع عدد محدود من المهمّات المُحدّدة سلفاً. لكنّه أيضاً نظام مرن للغاية. فوحدة التّعرّف على الصّور, والتى تميّز وتختار الحروف والأرقام, تستطيع ترجمة ما تراه إلى عدد مختلف وكبير من المهام المطلوبة. وبنفس الطّريقة, تستطيع الذّاكرة العاملة تخزين عدد محدود من الأرقام, ولكن وحدات المعالجة تستطيع التّعامل مع هذه الأرقام لمجموعة كبيرة جداً من الأغراض.
- ولإظهار مرونة أكثر للدماغ SPAUN , قام مخترعو الجهاز ببرمجة وحدة إختيار المهمّات لكى تستطيع التّعامل مع ثمانى مهمّات مختلفة. بعض هذه المهمّات أساسيّة, مثل التّعرّف على الحروف والأرقام المختلفة. لكن العمليّات أصبحت أكثر تعقيداً, مثل التعرف على رقم وقيمته العدديّة فى قائمة معيّنة. ,ومع زيادة التّعقيد, فانّه يمكن للجهاز عمل بعض الإستدلالات الرّئيسيّة ( مثلاً لديك 2,4,6 و3,5,7 . كيف يمكن حل هذه المسألة 1, 3, x?)). لذا, يمكنه التّعلم على طريقته الخاصّة. فبإعطاءه قائمة من الأرقام, فإنه سيفكّر ليعلم أى من هذه الأرقام مناسب للمشكلة الموجودة أمامه.
- ومع ذلك لم يكن الدّماغ دقيقاً بنسبة 100% فى تنفيذ هذه المهام, ففى التعرّف على الحروف كانت النّتيجة 94%. ولكن عندما خضع الدّماغ الحقيقى لنفس الاختبار, كانت النّتيجة 98%.
- ومع قدرته على حل المشكلات وتنفيذ المهام, لم يكن عمل SPAUN يقتصر على تنفيذ المهام فقط. فكما يتم إضافة أشياء جديدة لنظم التعرّف فى الجهاز, يجب أن تزداد قدراته وفقاً لذلك. وبسبب طبيعتها المقسّمة لوحدات, يمكن وضع بعض التّطورات الاضافية للوحدات الأخرى للجهاز, مثل القدرة على نطق التّقرير النّاتج والتّحدّث به بدلاً من كتابته.
- ومع كل ذلك, مازال يدرك مخترعو الجهاز أنه لا يزال محدود القدرات كما هو عليه. أولاً وقبل كل شئ, على الرّغم من أنّه يمكنه أن يضبط استجاباته أثناء تنفيذ مهمّة معيّنة, الا أنّه لا يستطيع تعلّم مهمّات جديدة من تلقاء نفسه. وهو لا يزال نموذجاً غير دقيق للدّماغ. فعلى سبيل المثال, التّصرف المتغيّر والمضطرب للخلايا العصبيّة فى النموذج أكثر نظاماً من الخلايا الواقعيّة, ممّا يجعل آثار نشاطها يبدو مُوحّداً (على الأقل بالنّسبة لشخص اعتاد مراقبة التصرفات البيولوجية الناتجة للأجسام).
- لكن لايمكن التّغلب على أى من هذه المشاكل. ,وأخيراً يمكن استبدال تلك الخلايا العصبيّة فى النموذج بأخرى تشبه تلك الخلايا البيولوجيّة, وممكن أن نتصوّر انشاء وحدة لتعلّم المهام الجديدة وتغذية وحدة اختيار المهام بالنّتائج. فمنذ أن تم بناء نماذج للدّماغ بعدد مهول من الخلايا العصبيّة ( حوالى أكثر من ألف ضعف ), قد لا يزال SPAUN مجرّد بداية !.
—————————————————————————–
ترجمة: عمرو باهى – فريق عمل مترجم
نقاش
Powered by Facebook Comments