ديلاكروا او التاريخ كنموذج مثالي
ترجمة و إعداد : شآم جميل - فريق عمل مترجَم
المضمون التاريخي
اللوحة ترسم مشهداً من معركة دارت خلال ثورة ” الايام الثلاثة العظيمة ” من السابع والعشرين وحتى التاسع والعشرين من عام ١٨٣٠
هذه الثورة التي تمت بمواجهة الجيش مع الاهالي سببت موت الالاف. كانت ردة فعل على الدستور المفروض من قبل شارل العاشر حيث انتفض شعب باريس للدفاع عن مكاسب الثورة عبر مواجهات عنيفة. بعد أن بحث الملك شارل عن وسائل للحد من الحريات والصحافة وحلّ الجمعية الوطنية الفرنسية وكمم افواه ممثلي الشعب. سقط نتيجتها شارل العاشر وخَلَفه لوي فيليب. كان دولاكروا شاهداً مباشراً على هذا التمرد وكان يرسم بين صفوف الجماهير. .
شعب ثائر متحد كما رآه دولاكروا
في المستوى الاول، نجد جثثاً ملقاة على الارض، وهو اول مشهد للجنود القتلى. دولاكروا لا يرينا لحظة الانتصار وانما يصور لنا الانتصار الذي لا يرحم من قلب المعركة.
نلاحظ أنه قد عزل خمسة شخصيات من الحشد، كالممثلين الذين تُسلط عليهم الاضواء على خشبة المسرح. على اليسار نميز العامل (١) والبورجوازي(٢) ، من خلال لباسهم، يقاتلون جنبا لجنب. امرأة تحتضر متضرعة (٣)، تلبس الازرق والابيض والاحمر، ترمز الى الامة المتألمة.
على اليمين صبي بهيئة “چاڤروش” (٤) يمسك بكلتا يديه مسدساً، يرمز بعمره الى مستقبل الوطن. (تجدر الاشارة الى ان فيكتور هوغو استلهم منه شخصية چاڤروش في روايته “البؤساء”
دولاكروا يوزع الادوار كي يخلق هذه الرؤية لشعب ثائر تَوَحّد رغماً عن الفروقات الاجتماعية، والعمرية او الجنسية ( طفل ورجال ونساء).
في وسط اللوحة ، الشخصية التي تهيمن على المشهد هي لامرأة تبرز من فوق الحواجز حاملة بيدها العلم الثلاثي الالوان. عارية الصدر، حافية القدمين، بندقية بحربة بيدها الاخرى، تبدو بوجه جانبي، جسدها يبدو مشابها لألهة الجمال لدى الاغريق.
التكوين يعطي قيمة لهذه الشخصية الغريبة، تبدو هشة كمقاتلة. دولاكروا لم يصور مشهدا واقعيا ولكنه على الاغلب اعاد خلق رؤية عن شعب ثائر تقوده هذه المرأة والتي عبر عريها ولباسها تبدو “كآلهة قديمة كاملة” هنا تبدو قوة اللوحة، هذه المرأة ليست شخصية بسيطة، انها تقود الشعب المتمرد كرمز للحرية. نستطيع القول ان هذه المرأة هي رمز الحرية.
تنوية المترجم: اتُخِذَت المرأة تاريخياً كرمز للحرية في الكثير من المواضيع ربما أبرزها وفي وقت متأخر تمثالالحرية لبارتولدي. المرأة تبدو دوما مثالية ورمز للطهارة والنقي والسلام. الا أن دولاكروا رسمها عارية وعنيفة مسلحة ومتسخة البشرة وتوحي بالخطر … وكانت هذه من ضمن ما تعرض له من نقد بالنسبة لهذه اللوحة.
تحليل تشكيلي
تفاصيل توضح تغيرات اللمسة الفنية.
اللوحة كبيرة بقياسات (2,60*3,25) صُمِّمت لتهيمن على المشاهد كي تؤثر فيه.
عبر لعبة اللون والتضاد الضوئي، دولاكروا يعطي اهمية للشخصية المركزية المقاتلة.
الخطوط المشكلة للمشهد التي تُبرز شكلا مثلثياً يؤكد قيمة هذه الشخصية (التركيب الهرمي) .
اللمسات تتغير حسب مساحات اللوحة، ترسم الشخصيات بواقعية وبدقة بينما ترسم الخلفية ( الجمهور والسماء والدخان) بلمسات حية لاعطاء انطباع الحركة وبضبابية تعكس انطباع الاضطراب والحرارة لمشهد المعركة
تنويه المترجم: خلد الفنانون هذه اللحظة التاريخية عبر لوحات بمشاهد بانورامية للأحياء التي جرت فيها، بحيث تبدو الشخصيات دوما صغيرة بالنسبة للمنظور العام و من وجهة نظر المنتصرين الذين يديرون ظهروهم للمشاهد ويقاتلون الخصم.
بينما دولاكروا لا يعطينا فكرة اين يجري المشهد.
وجعل شخصياته في مقابل وبحجم المشاهد.
ليترك لدينا انطباعاً باستمرارية المشهد غير المحدد واللامنتهي
لقد كان دولاكروا شاهداً على عنف الثورة، وقد رسم عدة رسومات اولية خلال الاحداث. بينما هذه اللوحة لم يقصد بها ان تكون شاهداً كما يفعل الصحفي، ولكنه كان يهدف ان تكون انموذجاً لهذا الحدث التاريخي.
وان لم اعمل لانتصار وطني، على الاقل سأرسم له “اوجين دولاكروا”
رابط المقال الاصلي
http://les-arts-mateurs.blogspot.fr/2010/03/delacroix-la-liberte-guidant-le-peuple.html
تمت الاستعانة ببعض المعلومات والصور من
نقاش
Powered by Facebook Comments