قد يكون الرّجال الذين يسجّلون نسباً أعلى من التّستوسترون الأكثر صدقاً.
هذه نتيجة مذهلة لإحدى الدّراسات التّي قام بها مختّصون في الإقتصاد و علم الأعصاب يأملون أن يدركوا جيّداً الأسباب البيولوجيّة للكذب. وبالتّالي يمكن إعطاء صورة أحسن عن الهرمون الجنسيّ الذّكريّ الذي عادة ما يُقرن بتصرّفات منبوذة في المجتمع .
إنّ التّستوسترون متّهم بالسّلوكات العنيفة و المنبوذة في المجتمع و التّحريض على المخاطر، فهو بهذا لا يعطي صورة حسنة عن نفسه. غير أنّه مقترن أيضاً بصفات يتميّز بها رجال ينتجونه بكميّات هامّة ، إذ أنّ الهرمون الجنسي الذّكري يمكن أن يحثّ على الصّدق و بالتّالي يمنع الكذب. و يمثّل كلّ هذا إعتزازاً بالنّفس و يهدف إلى إعطاء صورة جيّدة عن الذّات…
السّياق: التّستوسترون لا يملك سمعة جيّدة.
يختلف الرّجال و النّساء في نسب هرموناتهم الجنسيّة، إذ يملك الرّجال كميّة كبيرة من التّستوسترون مقابل نسب منخفضة من الأوستروجين عكس السيّدات. و يتدخل الهرمون الذّكري على عدّة مستويات: فهو مسؤول عن الميزات الجنسيّة الذّكريّة و يحفّز نموّ العضلات و يتداخل مع السلوك. غير أنّه متّهم أيضاً بالعدوانيّة الذكوريّة و ارتفاع اللّيبيدو أو أنّه مقرون بسلوكات المخاطرة. كما كشفت دراسة تمّ إنجازها عام 2008 في أوساط خبراء ماليّين بأنّ أولئك الذين يراهنون أكثر يملكون نسباً أعلى من التّستوسترون.
فليست له بالضّرورة سمعة جيّدة و نلوم فيه تحريضه على المواقف المنبوذة في المجتمع. و لكن، هل هذا هو الحال دائماً؟ ربّما ليس كذلك حسب علميّين من مركز العلوم الإقتصادية و العصبيّة بجامعة بون (ألمانيا).
و لمّا كان اهتمام الباحثين بالشّكل الذي أُجريت به الدّراسات التّي قرنت بين السّلوك و مستويات التّستوسترون، شرعوا في اتّباع المخطط العكسيّ. فعوض القران بين الفعل المشاهد و نسبة الهرمون، قرّروا رفع نسب التّستوسترون و ملاحظة أثر ذلك على تصرّف: الكذب. و نشرت نتائج دراساتهم في مجلّة Plos One .
الدّراسة: التّستوسترون مقترن بالصّدق.
شارك واحد و تسعون رجلاً في التّجربة، منهم 46 رجلاً استعملوا هلاماً متكوّناً من التّستوسترون بينما أستعمل النصف الآخر الغفل (Placebo). و لم يكن العلميّون و لا المرضى على اطّلاع بمكوّنات العلاج حتّى لا يحاولوا تغيير السّلوك.
وفي الأيّام التّالية، تحقّق اختصاصيّون في الغدد الصمّاء من المستشفى الجامعيّ من أنّ مجموعة التّستوسترون سجّلوا نسباً هرمونيّة أعلى .
يمكن إذاً اختبار السّلوك فقط، لذلك تمّت دعوة المشاركين إلى لعب النّرد في غرف فرديّة، و كان هدف اللّعبة هو تسجيل أعلى نتيجة ممكنة مقابل مكافأة ماليّة أكثر أهميّة . و كان عليهم إدخال نتائجهم بأنفسهم في حاسوب، و توقفت التّجربة عند هذا الحد بالنّسبة لهم.
حسب الإحصائيّات، تعرف كلّ مجموعة نفس إحتمال الظّهور مثل غيرها، إذن منطقياً إذا أخذنا بعين الإعتبار بأنّ جميع الأشخاص الذين شاركوا في التّجربة أثبتوا صدقهم، يجب أن نحصل على معطيات متوازنة. فأيّ تفاوت في أعلى النّتائج قد ينمّ بالمقابل على أنّ اللاّعبين لم يكشفوا عن النتيجة الفعليّة التّي حقّقوها…
ماذا نستنبط من تحليل النّتائج؟ إستنبطنا بأن المخطّطات البيانيّة للمجموعة المعالجة بالتّستوسترون كانت أكثر توافقاً مع الإحتمالات الرّياضيّة مقارنة مع مجموعة الشّاهد. و بعبارة أخرى، كذبت هذه المجموعة الأخيرة كثيراً في نتائجها من أجل الحصول على مكافأة أكبر ممّا تستحقّ وفقاً لقوانين اللّعبة.
العين الخارجيّة: الهرمونات ليست بهذه البساطة.
هكذا يكشف الهرمون الجنسيّ الذّكريّ عن جوانبه الجيّدة: إنّه يدفع إلى الصّدق. فلن يكون إذن بذلك القدر من اللاإجتماعيّة المثبتة ضدّه في الدّراسات السّابقة. و حسب مؤلفيّ هذه الدّراسة، فإنّه يحثّ على الإعتزاز بالذّات و الحاجة لإظهار صورة جيّدة عن النّفس.
و بالرّغم من كلّ هذا، تبقى هناك بعض النّقاط التّي تحتاج لاحقاً إلى توضيحات لأنّنا نعرف جيّدا بأنّ النّتيجة المرجوّة مع الهرمونات ليست متناسبة دائماً مع الجرعة. فعند النّساء مثلاً، تقفز نسب الأوستروجين دفعة واحدة في مرحلة التّبويض، و حتّى حبوب منع الحمل غنيّة بهذا الهرمون و هي بالعكس تعيق إطلاق البويضة . و بعبارة أخرى، نستنتج من هذه الدّراسة: بأنّ النّساء اللاتي يسجّلن تركيزا ًضعيفاً من التستوسترون من المحتمل أنّهنّ أكثر كذباً من الرّجال؟ لا أحد يؤكّد هذا أو حتّى يفترضه…
………………………………………………………………………….
ترجمة : وسيلة شيباني من الجزائر – فريق عمل مترجم -
المصدر : Futura-sciences
نقاش
Powered by Facebook Comments