إنّ إحتمال الفوز عند شراء تذكرة اليانصيب ضئيل جدّا . و مع ذلك وعلى أيّ حال فإنّ الكثير من الناّس يشترونها ،على الأقل في البلدان التي يكون فيها ذلك شرعيًّا . ففي الولايات المتّحدة وحدها ، تمّ تقدير أن نصف السكان تقريبا يلعبون اليانصيب ،و قد أنفق الأمريكيون مؤخراً ما يقدر بـ 1.46 مليون لشراء التذاكر للعبة المليونية الكبرى . رغم أنّ إحتمالات الربح هي واحد من 176 مليون .
لماذا يجازف الكثير من النّاس برهانات طويلة كهذه ؟الجواب هو: أنّها تمنحهم فرصة للحلم . فالنّاس يرغبون في تحقيق أحلامهم ، رغم علمهم أنّ الرهانات ليست في صالحهم . ولكن ماذا لو كانت الرهانات أفضل بكثير من الواحد في 176 مليون ؟هل ستضاعف مجازفتك ؟هل ستضيع الوقت و الجهد بالإضافة إلى ثمن تذكرة اليانصيب؟
أنا أطرح هذه الاسئلة ، لأنّه كما في اليانصيب ، يمكن للهيئات أن تصنع أحلام موظفيها ، وعندما تكون أحلامهم مثيرة و الرهانات معقولة ،فإنّ الموظفين سيزيدون من مجازفتهم بشكل كبير لتحقيقها . و على العكس ، عندما تكون الأحلام عادية و غير نزيهة ، فإنّ الموظفين يُصابون بالإحباط و ينسحبون من مجازفتهم .
تتعلّق بعض الأحلام بالمال طبعاً . فالنّاس يرغبون بالعمل ثمانين ساعة في الأسبوع و السفر بدون توقف في العديد من المهن ، على الأقل جزئياً ، لأنّهم يتوقعون تلقي مكافأة كبيرة و أرباح . و لكن بالنسبة للغير فإن السّعي لتحقيق هذا النوع من الحلم المالي وحده لا يكفي . و يحتاج أن يكون أعمق بقليل و ملهم للشخص أكثر .
ولقد سمعت منذ فترة قصيرة مدير متقاعد يتحدّث الى مسيّرين في شركة الدواء عن التوفر المحدود لدواء معين . و أغلب المتواجدين بالغرفة كانوا يعلمون أنّ عدداً من المشاكل المترابطة داخليًّا كانت تؤدي بالشركة الى إخفاق أهدافها ، مثل التنبؤ الغير دقيق و أنظمة تقنية المعلومات IT الغير ملائمة و نقص الوسائل و أكثر .
و رغم ذلك ، فإنّ ما لم يقدّره المسيّرون فعلاً هو الثمن الذي يدفعه النّاس . و باختصار شديد ، ذكّر هذا المدير كلّ واحد أنّ الهدف من هذا الدواء هو تخفيض نسبة الوفيات لمرض معين . و أنّ أربع ملايين شخص قد يموتون بدون سبب في السنوات القليلة القادمة رغم تلقيهم لمنتج الشركة . و فجأة أصبح كلّ شخص في الغرفة يرغب بتأجيل أولويات أخرى والعمل على حلِّ هذه المشكلة . لقد استغل المدير حلمهم لخلق عالم صحيّ أكثر .
في حين لا تقدّم كلّ شركة الخدمات الّتي تحمي الحياة مباشرة ، فكلّ الهيئات تخلق قيمة لزبائنها وللمساهمين و للمجتمع . و تعتبر مساعدة الموظفين للإتصال و الإرتباط بتلك القيمة جزء من عمل قادة المهنة. حتّى تصبح مهمة الشركة جزءاً من حلمهم الخاص. وبدون هذه الرابطة ، و في أفضل الأحوال سيقوم الموظفون بعملهم بدون إهتمام ، وفي أسوأ الأحوال سيصبحون محبطين و مرتبكين .
و كما تبيّن اليانصيب ، فإنّ معظم النّاس يرغبون في إستخدام الرهانات الغير مؤكّدة لتحقيق حلم خاص ، و يساعد القادة العظماء موظفيهم ليفهموا كيف يمكن لهذه الاحلام الخاصة أن تكون في صف أهداف الهيئة ، و لماذا ستحسن زيادة مجازفاتهم إحتمالات الفوز؟ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الكاتب : رون أشكناس
المصدر :http://blogs.hbr.org
ترجمة : ياسمين عروس من الجزائر ـ فريق عمل مترجم
نقاش
Powered by Facebook Comments