إذا ذهبت إلى ولاية تكساس الأمريكيّة أو مدينة برست الفرنسيّة، و سألت سكّان تلك المناطق إذا كانوا يعرفون علماء عرب ساهموا في تغيير مسار الأبحاث العلميّة، سيجاوبونك بلهجةٍ ساخرة : ” العرب لا يجيدون إلاّ بيع البترول لنا، و تقديم أشهى الأطعمة كالميزي،الكباب، و الطاجين، كما إنّ الإصطياف في البلاد العربيّة و خصوصاً المغربيّة مريح جدّاً فهم يعاملونا كالملوك”.
هذا ما يخص الطبقة العامّة من الشعب، أما إذا وجّهت نفس السؤال إلى أحد طلاّب أكبر مدرسة هندسيّة في فرنسا ” البوليتكنيك”، فالجواب سيكون مختلفاً لكنّه متسفّزاً،فقد طرحت هذا السؤال على صديقي توما متخرّج من تلك المدرسة، فكان جوابه : ” إنّ العرب لديهم أذكيائهم, و كذلك الصّينيّون و الرّوس, إلخ.. لكنّ أذكياء و علماء العرب لا يبرعون إلاّ في البلاد الغربيّة لأنّنا ندعمهم و نقدّر ذكاءهم و نساهم في تعليمهم في جامعاتنا بعكس أنظمتكم العربيّة الفاسدة الّتي ندعمها للحصول على الإستثمارات البيتروليّة، ناهيك عن مجتمعاتكم الممزّقة طائفيّاً “.
حقيقةٌ مرّة تؤلمني و تؤلم كل شاب عربي، أنظمتنا فاسدة، حكّامنا تحكمهم مصلحتهم الشخصيّة، شعوبنا تتكّلم لغةً واحدة، تتقاسم عادات موّحّدة،لكنّها متمزّقة بسبب الطائفيّة العشائريّة، نعم إنّ علماءنا يهاجرون، و يبرعون في المهجر لأنّ ممنوعُ عليهم أن يقدّموا شيءً جديداً حتى و لو كان علميّاً في بلدهم الأم فمصطلح ” التغيير” لا وجود له في بلادنا العربيّة لأنّه يشكّل خطراً على الطبقة الحاكمة.
المشكلة لا تكمن فقط في مجتمعاتنا و بلادنا، فلا ننسى أنّ البلدان الغربيّة المتقدّمة التي تحكمها إرادة الشركات متعدّدة الجنسيّات و البنوك الدولية، لا يهمّها أن يبرع العلماء العرب في بلادهم الأم، لذا يسعون جاهداً إلى إستقطاب النابغة العرب للعمل في مختبراتهم، فتراهم يبرعون و بتألّقون عبر إختراعتهم، لكن ما إن قرّروا العودة إلى بلادهم لتطويرها و لتطبيق ما حقّقوه من نجاحات على أراضي أجدادهم، للأسف بتعرّضون للإغتيال في اليوم التّالي من إعلانهم قرار العودة. في هذا الإطار،قام أحد الشباب العرب بصنع فيلم قصير يعدّد فيه بعضاً من هؤلاء العلماء الّذين تعرّضوا للإغتيال بعد قرارهم العودة إلى وطنهم للنهوض به عبر إختراعاتهم.
نقاش
Powered by Facebook Comments