ترتفع حرارة الجو والمحيطات. وكنتيجة ، تتغير التيارات المحيطية وتؤثر على المناخ.
هذا على الأقل ما يقترحه باحثون نرويجيون في دراسة نشرتها مجلة “ناتشور كومينيكايشن”.
تلعب التيارات المحيطية دوراً مهماً في المناخ ، خاصة أنها توزع الحرارة المتراكمة عند الاستواء نحو القطبين. وتوجه اختلافات الملوحة والحرارة لمختلف الكتل المائية الدوران المحيطي الدائم ، المسمى “ترموهالين”. ومن مظاهره التيار الخليجي الدافئ. (وهو تيار يحمل المياه الساخنة من خليج المكسيك إلى وسط المحيط الأطلسي ويمر بمحاذاة الشواطئ الأميركية).
في شمال الأطلسي، تبرد كتلة المياه الساخنة التي يحضرها هذا التيار وتغوص في الأعماق.هذا هو مكان نشوء المياه العميقة في شمال الأطلسي والتي هي مصدر خلية دوران عمودية تسمى “أموك”.
ومع غوص المياه شمال الأطلسي في الأعماق, تسحب معها كمية كبيرة من ثاني أوكسيد الكربون ,ما يشكل أكبر آبار الكربون في العالم. ولكن في السياق الحالي للتغير المناخي , أظهرت دراسات أن عملية غوص المياه ستتباطىء وكنتيجة , ستتعثر كل عملية الدوران ,من التيار الخليجي الدافئ الى “اموك”.
بعد مناقشة هذه النتائج , وبسبب تضارب التوقعات المحيطية ولتحسين التوقعات , اهتم الباحثون بمناخ والدورات المحيطية البليوسينية (العائدة الى البليوسين , وهي فترة جيولوجية تمتد من 10 إلى 2 مليون سنة قبل الآن) . بالحقيقة فإن هذه الفترة غير البعيدة نسبياً تتشابه من حيث المعطيات كثيرا ًمع التوقعات لمناخنا المستقبلي. فقد كان معدل درجة الحرارة العالمية أعلى من الحالي بدرجتين أو ثلاث درجات , وهي قيمة واقعة في هامش التوقعات لنهاية القرن الواحد والعشرين. وبالتالي كان مستوى البحار أعلى مما هو عليه ب 10 إلى 45 متراً.
محيط أكثر سخونة يؤدي إلى تغييرات في التيارات
تظهر المعطيات أنه منذ 3 ملايين سنة, كان هناك انتاج أكثر للمياه العميقة في شمال الأطلسي. أي أن الدورات في الأعماق كانت تحصل على تهوية أكبر, بسبب وجود كميات أكثر من الـوكسجين. وعلى السطح , كان شمال الـطلسي أسخن مما هو عليه الآن . ويمكن شرح ذلك بنظرية أساسية وهي قوة الدورة المحيطية “أموك”.
ومع ذلك , لم يتمكن أي نموذج من محاكاة الشروط التي ساعدت في نشوء الدورات المحيطية البليوسينية بإستخدام هذه النظرية. في أثناء المحاكاة , تم التخفيف من قوة الدورة المحيطية “أموك”. ولو كان هذا صحيحا ً, لكانت كتل المياه الانتاركتية أقل عرضة للتهوية , وهو ما يتعارض مع المعطيات. فالمشكلة هي إما في النماذج أو في النظرية . وهكذا , وسعيا ًإلى حل مشكلة التضارب بين المعطيات والمحاكاة, أعاد فريق الباحثين تقييم المشاهدات الموجودة مستخدماً النموذج النرويجي “نور- ايسم”.
وأظهرت نتائج المحاكاة المنشورة في مجلة “ناتشور كومينيكايشن” والتي يمكن الدخول إليها بحرية , أنه من غير الضروري أن تكون “أموك” قوية من أجل شرح أن المياه العميقة تتعرض للتهوية. ويجب البحث عن محرك هذا الوضع في المحيط الجنوبي. فقد سبب ضغط الهواء المحلي (وهي جزء من قوة الهواء يعمل بشكل متواز مع دائرة العرض ) وزيادة تجمع “ايكمان” (وهي غوص للمياه السطحية سببه الرياح) تجديد سريع للكتل المائية العميقة في المحيط. وبالمقابل كانت درجات الحرارة المرتفعة للأطلسي بالفعل نتيجة لدرجات اشماس (تعرض للشمس) ولمستويات مرتفعة من ثاني أوكسيد الكربون. اذا, في محيط أكثر حرارة, ستتبدل الدورة المحيطية بشكل كامل. فهل علينا انتظار التغييرات ذاتها في نهاية القرن الحادي والعشرين؟
نقاش
Powered by Facebook Comments