مع وصول شهر يناير، وبينما نودع سنة جديدة، تتجه كل افكارنا إلى إتخاذ القرارات. نقرر مثلاً اننا سنخسر وزننا الزائد في هذا العام ، أو اننا سنشرب أقل من الكحول، أو نتناول أقل من السكر، أو نتخلص من الديون المتراكمة علينا. كلها قرارات تستحق بذل الجهود! لكن لماذا نربط دائماً قرارات السنة الجديدة بتصحيح أعمالٍ نعتبرها خاطئة ؟
لن تعرف أبداً ما هو القرار الذي تحتاج إلى إتخاذه ما دمت لا تعرف ما هو هدفك !
في مجال التصوير الفوتوغرافي مثلاً، ترتبط دقة الصورة التي تختارها بالإخراج الذي تريده. إذا كنت تشاهد صورة على شاشة جهاز الكمبيوتر الخاص بك، 72 نقطة في البوصة تكفي لمشاهدة صورتك. ولكن إذا كنت ترغب في طباعة تلك الصورة، عليك ان تحصل على دقة أعلى من ذلك بكثير، أي حوالي 240 نقطة في البوصة. أما إذا أردت تحويل هذه الصورة إلى لوحة، تحتاج في الواقع إلى أقل من نقطة في البوصة، فكلما كنت بعيداً عن الصورة التي تشاهدها ، كلما ساعدتك عيناك على مزج الألوان لجعل الصورة أكثر تجانساً.
بدلا من محاولة بدء شهر يناير ب”إصلاح” كل الأخطاء، فلنكرس بعضاً من وقتنا لمعرفة ما هي حقاً أهدافنا.
فلنحلم إذاً !
لنترك قراراتنا التي تدور دائماً حول ما “يجب” أن نفعله، لنجعل الحلم يأخذ بنا نحو الأمل. الحلم هو قلب التغيير. و بأحلامنا فقط يمكننا أن نأمل في خلق شيء جديد، يتفوق على العادات القديمة، والطرق الكلاسيكية في التفكير والوجود. و هذا هو المسار الذي سيقود بنا إلى مزيد من النجاح.
وفقا لعالم النفس تيموثي بيشيل: “ما دمنا لا نملك رؤية واضحة عما نحن و ما نريد أن نصبح، لا يمكننا إنجاز الكثير.” يفسر بيشيل الترابط بين الهوية والقوة على النحو التالي: “الهوية هي معرفة من نحن والقوة هو الاعتقاد أننا نسيطر على قراراتنا واننا مسؤلون عن النتائج أي أن بيدنا أن نحدث تغييرا. لذلك فإن كل قرار فعال مرتبطٌ بمعرفة هويتنا.
وبعبارة أخرى، كلما عرفت نفسك بشكلٍ أفضل كلما قل إحتمال أن تكون مماطلاً. وكلما حلمنا بأننا سنصبح ما نريد أن نكون فعلاً، كلما اقتربنا من تحقيق هدفنا.
إذا كنت قد قمت بإتخاذ بعض القرارات، قد تشكل هذه الأفكار رؤوس أقلام لتحديد أحلامك العميقة.
خاصةً إذا اتخذت هذا القرار وأنت تحدق في مرآة Erised الخاصة بك. فهذه المرآة، حسب كاتبة “هاري بوتر” الشهيرة رولينج “لا تبين لنا أكثر أو أقل مما تعكسه رغبتنا العميقة، الأكثر يأسا في قلوبنا.”
وأظن أن معظمنا يملكون رغبة يائسة سرية في قلوبهم. حلماً يئسنا منه لدرجة اننا اصبحنا نستحق عدم تحقيقه.
فإذا أخذت لحظة لإلقاء نظرة على أسباب اتخاذك لهذا القرار، ستكشف بذلك عن الرغبة الشرسة التي دفعتك لذلك. فوراء الأشياء التي لا يمكنك الحصول عليها، هناك في أغلب الأحيان القواعد والأسس للأشياء التي يمكنك بناؤها وتحقيقها.
و هل من وقت أفضل من أيام السنة الأكثر قصراً لتفجير أحلامنا العميقة وزرع حبوب التغيير فينا؟ ألم يقل الكاتب كارل يونج أن “الظل مقرٌ للإبداع”؟
بعد بضعة أسابيع، وربما حتى شهر من التفكير الداخلي، ستصبح القرارات المتوجبة عليك لجعل حلمك حقيقة واضحة تمام الوضوح! وبدلا من المماطلة، أو أسوأ من ذلك،بدل إتخاذ قرارات متسرعة سترميها بعد بضعة أيام أو أسابيع، هذا العام ستجد القرارات التي تناسبك. قد تكتشف حتى عن غير قصد أن ما كنت تعتبره خطأً فيك مسبقاً هو في الواقع أصح ما تمتلك من مزايا.
لذا إبدأ بإتخاذ القرارات الصحيحة. لكن إبدأ بذلك في شهر فبراير. أما في شهر يناير، فأطلق العنان لأحلامك.
ترجمة ميريام فياض (بتصرف) – فريق عمل مترجم المصدر :http://blogs.hbr.org
نقاش
Powered by Facebook Comments